يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب: ٧٢].
فإنْ عزلْتَ من هذه العوالم مَنْ ليس له اختيار، فيتبقى منها: الجنّ والإنس، وإليهما أُرسل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بشيراً ونذيراً، لكن لماذا قال هنا ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾ [الفرقان: ١] ولم يقل: بشيراً ونذيراً؟
قالوا: لأنه سبحانه سيتكلم هنا عن الذين خاضوا في الألوهية، وهؤلاء تناسبهم النَّذَارة لا البشارة؛ لذلك قال في الآية بعدها: ﴿الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض﴾
في آخر سورة النور قال سبحانه: ﴿ألا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض﴾ [النور: ٦٤] فذكر ملكية المظروف، وهنا قال: ﴿الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض﴾ [الفرقان: ٢] فذكر مِلْكية الظرف أي: السماوات والأرض.
ثم تكلّم سبحانه في مسألة القمة التي تجرّأوا عليها، فقال: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ﴾ [الفرقان: ٢].
وسبق أنْ تكلمنا كثيراً عن مسألة اتخذا الولد والحكمة منها، فالناس تحب الولد، إما ليكون امتداداً للذكْر، وإما ليساند والده حالَ ضَعْفه، وإما للكثرة، والحق تبارك وتعالى هو الحيُّ الباقي الذي لا يموت، ولا يحتاج لمن يُخلِّد ذِكْراه، وهو القويُّ الذي لا يحتاج لغيره، فَلِمَ إذنْ يتخذ ولداً؟
وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ﴾ [الفرقان: ٢] وهذا أمر


الصفحة التالية
Icon