سأشاهد باطلاً واضحاً يُجابه حقاً واضحاً، ولا بُدَّ أنْ يضيق صدري بذلك، خاصة وأن موسى عليه السلام سابقه في مسألة الكلام.
لذلك قال: ﴿فَأَرْسِلْ إلى هَارُونَ﴾ [الشعراء: ١٣] وفي آية أخرى: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إني أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ [القصص: ٣٤].
يعني: مساعداً لي يتكلم بدلاً عني، إنْ عجز لساني عن الكلام، وهذا يدل على حرصه عليه السلام على تبليغ دعوة ربه إلى فرعون وقومه.
وعليه، فقد كان موسى وهارون كلاهما رسول، إلا أن القرآن قال مرة عنهما: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين﴾ [الشعراء: ١٦] بصيغة المفرد، وقال مرة أخرى: ﴿إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ﴾ [طه: ٤٧] بصغية المثنى.
الرسول: هو المرسَل من شخص لآخر، سواء كان واحداً أو مُثَنى أو جمعاً.
ومعلوم أن الإنسان يحتاج لا ستبقاء حياته طعاماً وشراباً، وقبل ذلك وأهمَ منه يحتاج لاستبقاء نفسه، أَلاَ تراه يصبر على الطعام، ويصبر على الشراب، لكنه لا يصبر بحال على الهواء، فإنْ حُبِس عنه شهيق أو زفير فارق الحياة؟
وسبق أن قلنا: إن من رحمة الله تعالى بنا أنْ يُملِّك الطعام كثيراً، وقليلاً ما يُملِّك الماء، لكن الهواء لا يُملّكه الله لأحد، لماذا؟ لأنه لو ملَّك عدوك الهواء فمنعه عنك، فسوف تموت قبل أنْ يرضى عنك، بالإضافة إلى أن الهواء هو العنصر الأساسي في الحياة، وعليه تقوم حركاتها.