وكان إلقاء العصا من موسى هذه المرة مجرد تجربة (بروفة) ليألف هذه المسألة ويأنس إليها، وتحدث له دُرْبة ورياضة، فإذا ما أجرى هذه العملية أمام فرعون والسحرة أجراها بثقة وثبات ويقين من إمكانية انقلاب العصا إلى حية.
وبعد ذلك يأتي بآية تثبيت منطقة التكليف في البشر حتى الرسل، والرسل أيضاً مُكلَّفون، وكل مُكلَّف يصح أن يطيع أو أن يعصي، لكن الرسلَ معصومون من المعصية، أما موسى عليه السلام فله حادثة مخصوصة حين وكَز الرجل فسقط ميتاً، فقال: ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء: ١٤].
وفي موضع آخر يُحدِّد هذا الذنب: ﴿قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾ [القصص: ٣٣].
ونضع هذه القصة أمامنا لنفهم: ﴿إِلاَّ مَن ظَلَمَ﴾
إذن: فالاستثناء هنا من قوله تعالى: ﴿إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون﴾ [النمل: ١٠] استثنى من ذلك ﴿إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سواء﴾ [النمل: ١١].
وكأنه عَزَّ وَجَلَّ يُعرِّض بهذه الحادثة الخاصة بموسى عليه السلام: ﴿إِلاَّ مَن ظَلَمَ﴾ [النمل: ١١] أي: حين قتَل القبطي، لكن