﴿اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ﴾ [إبراهيم: ٦].
فالواو في ﴿وَيُذَبِّحُونَ﴾ [إبراهيم: ٦] لم ترد في الكلام على لسان الله تعالى، إنما وردتْ في كلام موسى؛ لأنه في موقف تَعداد نِعَم الله على قومه وقصده؛ لأن يُضخِّم نعم الله عليهم ويُذكِّرهم بكل النعم، فعطف على ﴿يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب﴾ [إبراهيم: ٦] قوله ﴿وَيُذَبِّحُونَ﴾ [إبراهيم: ٦].
لكن حين يتكَلَّم الله تعالى فلا يمتنُّ إلا بالشيء الأصيل، وهو قتْل الأولاد واستحياء النساء؛ لأن الحق تبارك وتعالى لا يمتنّ بالصغيرة، إنما يمتنُّ بالشيء العظيم، فتذبيح الأبناء واستحياء النساء هو نفسه سوء العذاب.
وقوله مرة ﴿يُذَبِّحُونَ﴾ [البقرة: ٤٩] ومرة ﴿يُقَتِّلُونَ﴾ [الأعراف: ١٤١] لأن قتل الذّكْران أخذ أكثر من صورة، فمرَّة يُذبِّحونهم ومرة يخنقونهم.
ومعنى: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٤١] من السَّوْم، وهو أنْ تطلب الماشية المرعى، فنتركها تطلبه في الخلاء، وتلتقط رزقها بنفسها لا نقدمه نحن لها، وتسمى هذه سائمة، أما التي نربطها ونُقدِّم لها غذاءها فلا تُسمَّى سائمة.
فالمعنى ﴿يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب﴾ [الاعراف: ١٤١] يعني: يطلبون لكم سوء العذاب، وما داموا كذلك فلا بُدَّ أنْ يتفنَّنوا لكم فيه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ﴾


الصفحة التالية
Icon