ومعنى ﴿أَرْضِعِيهِ﴾ [القصص: ٧] يعني: مدة أمانك عليه ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ [القصص: ٧] ولم يقل من أيِّ شيء ليدلّ على أيِّ مخوف تخشاه على وليدها ﴿فَأَلْقِيهِ فِي اليم﴾ [القصص: ٧] ويراعي الحق سبحانه مشاعر الأم وقَلقها على ولدها، خاصة إذا ألقتْه في البحر فيطمئنها ﴿وَلاَ تَخَافِي﴾ [القصص: ٧] لأن الله سيُيسِّر له تربية خيراً من تربيتك في ظل بيت الغِنَى والملْك.
﴿وَلاَ تحزني﴾ [القصص: ٧] أي: لفراقه؛ لأن هذا الفراق سيُعوِّضك، ويُعوِّض الدنيا كلها خيراً، حين يقضي على هذا الطاغية، ويأتي بمنهج الله الذي يحكم خَلْق الله في الأرض.
ثم اعلمي بعد هذا أن الله رادُّه إليك، بل وجاعله من المرسلين، إذن: أنا الذي أحفظه، وليس من أجلك فحسب، إنما أيضاً لأن له مهمة عندي.
يقولون: ظلت أم موسى تُرضِعه في بيتها طالما كانت آمنة عليه من أعين فرعون، إلى أنْ جاءها أحَد العسس يفتش البيت فخافت على الولد فلفته في خرقة ودسته في فجوة بجوارها، كانت هذه الفجوة هي الفُرْن، ألقتْه فيه وهو مسجور دون أن تشعر يعني من شدة خوفها عليه حتى إذا ما انصرف العَسَس ذهبت إليه، فإذا به سالماً لم يُصِبْه سوء. وكأن الله تعالى يريد لها أنْ تطمئن على حِفْظ الله له، وأن وعده الحق.
وقد وردت مسألة وحي الله لأم موسى في كتاب الله مرتين مما دعا السطحيين من المستشرقين إلى اتهام القرآن بالتكرار الذي


الصفحة التالية
Icon