الزحام على الماء ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا﴾ [القصص: ٢٣] أي: ما شأنكما؟
وفي الاستفهام هنا معنى التعجُّب يعني: لماذا تمنعان الغنم أنْ تشربَ، وما أتيتُما إلا للسُّقْيا؟
﴿قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعآء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣].
وقولهما ﴿حتى يُصْدِرَ الرعآء﴾ [القصص: ٢٣] يعني: ينصرفوا عن الماء، فصدر مقابل ورد، فالآتي للماء: وارد، والمنصرف عنه: صادر: نقول: صدر يَصْدُر أي: بذاته، وأصدر يُصْدر أي: غيره.
فالمعنى: لا نَسْقي حتى يسقي الناس وينصرفوا. و ﴿الرعآء﴾ [القصص: ٢٣] جمع رَاعٍ. ثم يذكران العلَّة في خروجهما لِسقْي الغنم ومباشرة عمل الرجال ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣].
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿فسقى لَهُمَا ثُمَّ تولى﴾
معنا إذن في هذه القصة أحكام ثلاثة ﴿لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعآء﴾ [القصص: ٢٣] أعطَتْ حكماً و ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣] أعطتْ حُكْماً و ﴿فسقى لَهُمَا﴾ [القصص: ٢٤] أعطت حكماً ثالثاً.
وهذه الأحكام الثلاثة تُنظم للمجتمع المسلم مسألة عمل المرأة، وما يجب علينا حينما تُضطر المرأة للعمل، فمن الحكم الأول نعلم أن سَقْي الأنعام من عمل الرجال، ومن الحكم الثاني نعلم أن المرأة لا تخرج للعمل إلا للضرورة، ولا تؤدي مهمة الرجال إلا إذا عجز الرجل عن أداء هذه المهمة ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣].