والكلام، إنما يشمل الفعل أيضاً، وربما كان الفعل أغلب.
وقوله تعالى: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [لقمان: ٦] يدل على عدم معرفتهم حتى بأصول التجارة في البيع والشراء، فالتاجر الحق هو الذي يشتري السلعة، بحيث يكون نفعها أكثر من ثمنها، أما هؤلاء فيشترون الضلال؛ لذلك يقول الحق عنهم: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦]
والسبيل: هو الطريق الموصل إلى الخير من أقصر طريق، وهو الصراط المستقيم الذي قال الله تعالى عنه ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [الفاتحة: ٦] لذلك نقول في علم الهندسة: المستقيم هو أقصر بُعد بين نقطتين.
وقوله: ﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً﴾ [لقمان: ٦] أي: السبيل؛ لأن السبيلِ تُذكَّر وتؤنث، تُذكَّرِ باعتبار الطريق، كقوله تعالى: ﴿وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرشد لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾ [الأعراف: ١٤٦]
وتُؤنَّث على اعتبار الشِّرْعة، كقوله تعالى: ﴿قُلْ هذه سبيلي أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف: ١٠٨]
هؤلاء الذين يشترون الضلال لإضلال الناس لا يكتفون بذلك، إنما يسخرون من أهل الصلاح، ويهزأون من أصحاب الطريق المستقيم والنهج القويم، ويُسفِّهون رأيهم وأفعالهم.
ثم يذكر الحق سبحانه عاقبة هذا كله: ﴿أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [لقمان: ٦] أولئك: أي الذين سبق الحديث عنهم، وهم أهل الضلال ﴿لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [لقمان: ٦] ووصْف العذاب هنا بالمهانة دليل على أن من العذاب ما ليس مُهيناً، بل ربما كان تكريماً لمن وقع عليه كالرجل الذي يضرب ولده ليُعلِّمه ويُربِّيه، فهو يضربه لا ليعذبه ويؤلمه ويهينه، إنما لكي لا يعود إلى الخطأ مرة أخرى. على حَدِّ قول الشاعر: