إن التشريع يجب أنْ يأخذه المكلَّف أَخْذاً أَخْذاً كاملاً بما له وبما عليه، فالله كلَّفك ألاَّ تسرق من الناس، وكلَّف الناسَ جميعاً ألاَّ يسرقوا منك.
ومعنى ﴿ولكن حَقَّ القول مِنِّي..﴾ [السجدة: ١٣] أي: وقع وثبت وقُطع به، ويأتي هذا المعنى بلفظ سبق، كما في ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين﴾
[الصافات: ١٧١] وفي قصة نوح عليه السلام: ﴿فاسلك فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول... ﴾ [المؤمنون: ٢٧]
وقال تعالى حكاية عن الكفار في حوارهم يوم القيامة: ﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ﴾ [الصافات: ٣١]
ومعنى ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣] عرفنا أن الله تعالى خلق الجنة، وخلق لها أهلاً يملأونها، وخلق النار وخلق لها أهلاً يملأونها، فليس فيهما أزمة أماكن، فالجنة أُعِدَّتْ لتسع جميع الخَلْق إنْ آمنوا، وكذلك النار أُعِدَّتْ لتسع الخَلْق جميعاً إنْ كفروا.
لذلك حين يذهب أهل الجنة إلى الجنة يرثون أماكن أهل النار فيها، كما قال سبحانه: ﴿ونودوا أَن تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣]
والجِنَّة: أي الجِنّ والعفاريت.