وتعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٨]
وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لن يدخل أحدٌ الجنةَ بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته».
فلما حميَتْ هذه المعركة أرادوا أنْ يوحدوا هذين الرأيين، ويُوفِّقوا بينهما، فقالوا: لقد سبق الله تعالى المكلف بالإحسان، فخلق له مُقومات حياته قبل أنْ يوجد، ثم تركه يرتع في نِعَمه دون أنْ يطالبه بشيء حتى بلغ سِنَّ التكليف.
فإذا ما كلَّفه الله بعد سابق نعمه عليه، فعليه أنْ يطيع هذا التكليف جزاء ما سبق من إحسان الله إليه الإحسان الأول، وبذلك يكون الجزاء في الآخرة ليس على العمل، إنما محْض فضل من الله على عباده.
إذن: حينما تؤدي ما كلَّفك ربك به كأنك تجازي ربك بطاعته على سابق إحسانه إليه، فكأن الجنة ونعيمها زيادة وفضل من الله، فالله سبحانه له الفضل عليك في الأولى، وله الفضل عليك في الآخرة.
ثم إن الحق - تبارك وتعالى - حين يُشرع لك ويكلِّفك، فشَرْعه وتكليفه في ذاته فضل، أَلاَ ترى أن الحسنة عنده سبحانه بعشر أمثالها، وأنها تضاعف إلى أضعاف كثيرة، ونحن مِلْكه سبحانه، يعطينا أو لا يعطينا.


الصفحة التالية
Icon