قالوا: أي تشفع صفات الجمال عند صفات الجلال، فحين يذنب العبد ذنباً تتسلط عليه صفات الجلال لتعاقبه، فتتصدى لها صفات الجمال، وتشفع عندها لتسقط ما لها عنده من حق.
ثم يقول سبحانه مخاطباً رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين.
.﴾
[الأحزاب: ١] فهل حين يتقي رسول الله ربه أيطيع الكافرين والمنافقين؟ قالوا: جمع القرآن بين الأمر بالتقوى والنهي عن طاعة الكافرين والمنافقين على الالتزام، تقول: أكرم فلاناً وفلاناً أيضاً، فلم تقل لا تكرم إلا فلاناً، إذن: فعطف لا تُطع الكافرين والمنافقين على ﴿اتق الله..﴾ [الأحزاب: ١] بالالتزام.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما جاء جاء على نظام كوني أعده الله تعالى لخَلْقه، وحين خلق الله الخَلْق أخذ على الإنسانية كلها بكل أفرادها من آدم إلى أن تقوم الساعة - أخذ عليهم العهد ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى... ﴾ [الأعراف: ١٧٢] فشهدوا لله تعالى قبل أنْ تتهيأ لهم المعاصي والشهوات.
فإذا أصابت الناسَ غفلةٌ أو نسُوا هذا العهد بعث الله لهم من رسله مَنْ يُذكِّرهم؛ لذلك خُوطِب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ... ﴾ [الرعد: ٧]
وقال سبحانه عن الرسل: ﴿رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ... ﴾ [النساء: ١٦٥] يعني: ليسوا منشئين تقوى وطاعة، إنما مذكرون بقضية معلومة سَلَفاً من الأزل، وما هم إلا مبشرين بالثواب لمن أطاع، ومنذرون بالعذاب لمن عصى، والحق سبحانه يريد من عباده أن يكونوا على ذكر دائم لهذه الحقيقة وألاَّ يغفلواعنها.
والغفلة تأتي إما من شهوة النفس أو كسلها عن مطلوب شاق


الصفحة التالية
Icon