للعبادة أو وسوسة من غير مطيع في أذنك، سواء أكان من شياطين الإنس أو من شياطين الجن، كما قال تعالى: ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ... ﴾ [الأنعام: ١١٢]
وقلنا: إن المنحرف يحسد المستقيم على استقامته، لكنه لا يستطيع أنْ يتحمل تبعات هذه الطاعة، فلا أقلَّ من أنْ يحاول أنْ يجذب المستقيم إليه، فيوسوس له ويصرفه عن صفة الكمال التي له؛ لذلك حين يوسوس لك صاحبك بشيء من معصية الله فأول شيء ينبغي أنْ تفطن إليه أنه يكرهك، ولا يريد لك الخير الذي يعجز هو عن إدراكه، فهو لا يريد لك أنْ تتميز عليه بشيء.
إذن: الكافرون والمنافقون الذي يصادمون دعوة الرسل لم يقدروا على أنْ يحملوا أنفسهم على منهج الله، ولا أنْ يلتزموا كما التزم المؤمنون، فلا أقلَّ من أنْ يحولوا بين المؤمنين وبين المنهج الجديد الذي جاء به رسول الله.
وقلنا: إن الرسول لم يأتِ إلا لضرورة، هي انطماس معالم المنهج عند المرسل إليهم، وانعدام الرادع في النفس البشرية أولاً ثم في المجتمع ككل، فالإنسان حين يغفل تُذكِّره النفس اللوامة وتردُّه عن المعصية، فإذا ما ضعف سلطان هذه النفس تحكمتْ فيه النفس الأمَّارة بالسوء وصرفتْه عن الخير كله، فلم يَبْقَ له رادع إلا في المجتمع الإيماني الذي يقوم بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذه هي ميزة الخيرية في هذه الأمة التي قال الله فيها: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمعروف وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر وَتُؤْمِنُونَ بالله... ﴾
[آل عمران: ١١٠]


الصفحة التالية
Icon