فإذا انطمس هذا المبدأ في المجتمع أيضاً حتى لم يَعُدْ فيه آمر بمعروف ولا نآهٍ عن منكر، فلا بُدَّ أنْ تتدخّل السماء بإيقاظ جديد برسول جديد، لكن أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من شرفها عند ربها وشرفها برسولها أن الله منحها هذه الخيرية، بحيث لا يعدم فيها الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر أبداً؛ لذلك لا يجيء رسول بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأنها أمة مأمونة.
ولا بُدَّ للأمة التي توفرتْ لها هذه المناعة الجماعية الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر أنْ يكون لها وَعْيٌ إيماني وفهم جيد لهذه المهمة، وقد وردت فيها مذكرة الإيضاح التفسيرية من سيدنا رسول الله حين قال: «مَنْ رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
فالمشرِّع قدَّر عدم الاستطاعة، فجعل لكل خطوة من أمر بمعروف أو نهى عن منكر مجالاً: متى أُغيِّر المنكر بيدي؟ ومتى أُغيره بلساني؟ ومتى أغيره بقلبي؟
أغيره بيدي فيمن أملك الولاية عليه، حيث أتمكن من التغيير، فإنْ كان المُنْكَر ممن لا ولايةَ لي عليه، فعلىَّ أنْ أغيره بلساني في ضوء قوله تعالى: ﴿ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ... ﴾ [النحل: ١٢٥] بالأسلوب الحسن الجميل،


الصفحة التالية
Icon