مرغم.
إنما قوة الدليل تقنعك أن تفعل، فيأتي الشيطان ليقر على نفسه في الآخرة ويقول: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ﴾ أي ليس معي قوة تقهركم على المعصية وليس معي دليل يقنعكم حتى تفعلوا المعصية، لا هذا ولا ذاك، فما الحكاية إذن؟ قال: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي﴾. أي إنكم أطعتموني واستجبتم لدعوتي بلا سلطان قوة أقهركم به على شيء، ولا سلطان دليل أقنعكم به.
ويذيل الحق الآية بقوله: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النار وَبِئْسَ مثوى الظالمين﴾ أي أن المرجع الذي يأوون إليه هو النار، والمأوى؛ هو الموضع الذي ترجع أنت إليه. وكأن في هذا المرجع ذاتية من الكافر تلقيه على النار فهو - أي الكافر - مأواه ومثواه الذي يرجع إليه. ولذلك يجب أن نفطن إلى قوله الحق في بعض الأساليب: «وإليه تَرجَعون» وقوله: «وإليه تُرجعون». ﴿وَبِئْسَ مثوى الظالمين﴾.. أي مثوى لا مفر بعده أبدا، فكل مثوى من الجائز أننا نرحل عنه، لكن المثوى الذي سيبقى خلودا للظالمين هو النار وهو بئس المثوى. وبعد ذلك يقول الحق: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حتى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمر وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ... ﴾


الصفحة التالية
Icon