لذلك شاء الحق أن يأتي القرآن من جنس الحروف والكلمات. ولذلك تحوم العقول حول مقدمات آيات السور؛ لتعرف شيئاً من الإيناسات بعد أن تواصلت الثقافات، ولم تعد اللغة العربية متوافرة مثلما كان الحال أيام نزول القرآن، ومن كانوا يملكون هذه الملكة الصافية أيام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سمعوا الحروف التي في أوائل بعض السور وقبلوها، والحق سبحانه يقول: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم﴾ [يونس: ١]
و ﴿تِلْكَ﴾ : إشارة، ولا بد أن نفرق بين الإشارة والخطاب؛ لأن البعض يخلط بينهما، فالإشارة هي التي تشير إلى شيء مثل قولنا: هذا وذا، أو تلك، وهذا: إشارة لمذكر، والمثال هو قولنا: هذا القلم جميل، أما قولنا: تلك الدواة جميلة، فهذه إشارة لمذكر، والمثال هو قولنا: هذا القلم جميل، أما قولنا: تلك الدواة جميلة، فهذه إشارة لمؤنثة. أما «الكاف» : فهي حرف للخطاب، فالتاء: إشارة للآيات وهي مؤنثة، و «الكاف» في ﴿تِلْكَ﴾ : للمخاطب، وهو محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فالله يقول لرسوله: تلك الآيات يا محمد.
وعلى ضوء الفوارق بين الإشارة والخطاب تختلف أساليب القرآن، مثل قوله الحق: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ... ﴾ [القصص: ٣٢]
و ﴿فَذَانِكَ﴾ : إشارة لشيئين اثنين: للعصا.
و ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ... ﴾ [النمل: ١٢]
ويقول الحق أيضاً: ﴿ذلكما مِمَّا عَلَّمَنِي ربي... ﴾ [يوسف: ٣٧]