إذن: فصناعة السيارات إن لم تتخلص من عيوب عوادمها بأسلوب ما، فهي اختراع بلا حكمة، ويجب البحث عن وسائل لإزالة أضرار احتراق الوقود، وبذلك نستفيد من سرعة السيارات، وقدرتها على حمل البضائع، ونتخلص مما تسببه من ضرر. وهكذا نعرف أن الحكمة هي: وضع الشيء في موضعه المفيد فائدة دائمة لا يأتي من بعدها ضرر.
ولقائل أن يقول: وما معنى قول الحق: ﴿الكتاب الحكيم﴾ هل الكتاب بمفرده له حكمة؟ أم أن الحكيم هو من أنزل الكتاب؟ ونقول: إن معنى ﴿الكتاب الحكيم﴾ أنه الكتاب الذي يمتلئ بالحكمة الصادرة من الله، أو الكتاب الذي أنزله الرب الحكيم. وكلمة «حكيم» على وزن «فعيل»، ومثلها مثل «كريم» و «رحيم» وتأتي مرة بصيغة فاعل، ومرة بصيغة فعيل، وموضعها هو الذي يبين لنا ذلك.
ومعنى كلمة «الحكيم» يتضح لنا من سياقها: فإن نسبت الأمر إلى الحكم فهو كتاب صادر من الحق سبحانه، وإن أردت الوصف بمعنى فاعل فهو من حاكم؛ والحاكم هو الذي يحكم في قضايا؛ ليبين وجه الحق فيها، والقرآن يحكم في كل قضايا الإيمان.
وقمة العقيدة التي يحكم فيها القرآن هي لا إله إلا الله. ومن يفعل عكس ذلك هو الظالم، وسبحانه القائل: ﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]
والقرآن يحسم هذه القضايا، وهو كحاكم فاصل فيها.


الصفحة التالية
Icon