قيل: المراد بها هنا جميع مناسك الحج، وقيل: الصفا والمروة والهدي والبدن.
والمعنى على هذين القولين لا تحلوا هذه الأمور، بأن يقع الإخلال بشيء منها، أو بأن تحولوا بينها وبين من أراد فعلها. ذكر سبحانه النهي عن أن يحلوا شعائر الله عقب ذكره تحريم صيد المحرم.
وقيل: المراد بالشعائر هنا فرائض الله، ومنه: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ [الحج: ٣٢]، وقيل: هي حرمات الله. ولا مانع من حمل ذلك على الجميع، اعتبارا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولا بما يدل عليه السياق.
وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ المراد به الجنس، فيدخل في ذلك جميع الأشهر الحرم، وهي أربعة: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، أي تحلوها بالقتال فيها، وقيل المراد هنا شهر الحج فقط «١».
وَلَا الْهَدْيَ: هو ما يهدى إلى بيت الله، من ناقة، أو بقرة، أو شاة، الواحدة هدية، نهاهم الله سبحانه عن أن يحلوا حرمة الهدي، بأن يأخذوه على صاحبه، أو يحولوا بينه وبين المكان الذي يهدي إليه، وعطف الهدي على الشعائر- مع دخوله تحتها- لقصد التنبيه على مزيد خصوصيته، والتشديد في شأنه.
وَلَا الْقَلائِدَ: جمع قلادة، وهي ما يقلّد به الهدي من نعل أو نحوه، وإحلالها أن تؤخذ غصبا، وفي النهي عن إحلال القلائد تأكيد للنهي عن إحلال الهدي، وقيل:
المراد بالقلائد، المقلدات به، فيكون عطفه على الهدي لزيادة التوصية بالهدي، والأول أولى، وقيل: المراد بالقلائد ما كان الناس يتقلدونه، فهو على حذف مضاف، أي ولا أصحاب القلائد.
وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ: أي قاصديه، من قولهم أممت كذا أي قصدته. وقرأ الأعمش: ولا آمّي البيت الحرام بالإضافة، والمعنى: لا تمنعوا من قصد البيت الحرام، بحج أو عمرة، أو ليسكن فيه. وقيل: إن سبب نزول هذه الآية، أن المشركين كانوا يحتجون ويعتمرون ويهدون، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فنزل:

(١) قال القاضي أبو محمد: «والأظهر عندي أن الشهر الحرام أريد به رجب ليشتهر أمره، لأنه كان مختصا بقريش، ثم فشا في مضر. اه. وهذا قول الطبري أيضا، وانظر: المحرر الوجيز (٤/ ٣٢١).


الصفحة التالية
Icon