وقع عليه اصطلاح قوم من أنه منزلة بين الإيمان والكفر «١».
قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ: هذا متصل بذكر المحرمات، وما بينهما اعتراض وقع بين الكلامين للتأكيد، فإن تحريم هذه الخبائث من جملة الدين الكامل، أي من دعته الضرورة.
فِي مَخْمَصَةٍ: أي مجاعة، إلى أكل الميتة وما بعدها من المحرمات.
والخمص: ضمور البطن، ورجل خميص وخمصان، وامرأة خميصة وخمصانة، ومنه أخمص القدم. ويستعمل كثيرا في الجوع.
غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ الجنف: الميل.
والإثم: الحرام، أي حال كون المضطر في مخمصة غير مائل لإثم، وهو بمعنى غير باغ ولا عاد. وكل مائل فهو متجانف وجنف.
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ له رَحِيمٌ (٣) به، لا يؤاخذه بما ألجأته إليه الضرورة في الجوع، مع عدم ميله بأكل ما حرم عليه إلى الإثم بأن يكون باغيا على غيره، أو متعديا لما دعت إليه الضرورة «٢».
[الآية الرابعة] يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤).
قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ: هي ما يستلذ أكله، ويستطيبه أصحاب الطبائع السليمة، مما أحله الله لعباده، أو لم يرد نصّ بتحريمه. وقيل: هي الحلال، وقيل: الطيبات الذبائح لأنها طابت بالتذكية، وهو تخصيص للعام بغير مخصص، والسبب والسياق لا يصلحان لذلك.
وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ: معطوف على الطيبات، بتقدير مضاف لتصحيح
(٢) انظر: المحرر الوجيز (٤/ ٣٤٩)، والقرطبي (٦/ ٦٤، ٦٥)، فتح القدير (٢/ ١١).