المعنى، أي أحل لكم صيد ما علّمتم من أمر الجوارح والصيد بها.
قال القرطبي «١» : قد ذكر بعض من صنف في أحكام [القرآن] «٢» : أن الآية تدل على أن الإباحة تناولت ما علّمنا من الجوارح، وهو [ينتظم] «٣» الكلب وسائر جوارح الطير، وذلك يوجب إباحة سائر وجوه الانتفاع، فدل على جواز بيع الكلب، والجوارح، والانتفاع بها بسائر وجوه المنافع، إلا ما خصه الدليل، وهو الأكل من الجوارح: أي الكواسب من الكلاب وسباع الطير.
قال «٤» : وأجمعت الأمة، على أن الكلب- إذا لم يكن أسود، وعلّمه مسلم، ولم يأكل من صيده الذي صاده، أو أثّر فيه بجرح، أو تنييب، وصاد به مسلم، وذكر الله عند إرساله- صيده صحيح، يؤكل بلا خلاف. فإن انخرم، شرط من هذه الشروط دخل الخلاف، فإن كان الذي يصاد به غير كلب كالفهد وما أشبهه، وكالبازي والصقر ونحوهما في الطير، فجمهور الأمة على أن كل ما صاد بعد التعليم فهو جارح كاسب.
يقال: جرح فلان واجترح، إذا اكتسب، ومنه الجارحة لأنه يكتسب بها، ومنه قوله تعالى: وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ [الأنعام: ٦٠]، وقوله: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ
[الجاثية: ٢١].
مُكَلِّبِينَ: حال، والمكلب: معلّم الكلاب كيفية الاصطياد. وخص معلم الكلاب، وإن كان معلم سائر الجوارح مثله، لأن الاصطياد بالكلاب هو الغالب. ولم يكتف بقوله: وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ- مع أن [التكليب] «٥» هو التعليم- لقصد التأكيد لما لا بد منه من التعليم. وقيل إن السبع يسمى كلبا، فيدخل كل سبع يصاد به، وقيل:
إن هذه الآية خاصة بالكلاب.
وقد حكى ابن المنذر عن ابن عمر أنه قال: ما يصاد بالبزاة وغيرها من الطير، فما أدركت ذكاته فهو حلال، وإلا فلا تطعمه «٦».

(١) انظر في «تفسيره» (٦/ ٦٦).
(٢) حرّف إلى بقرآن وهو خطأ واضح. [.....]
(٣) حرّفت إلى «انخرم» والتصويب من القرطبي.
(٤) أي القرطبي كما تقدّم.
(٥) حرّفت إلى (التكليف) وهو خطأ، والتصويب من فتح القدير (٢/ ١٣).
(٦) رواه الطبري في «جامعه» (٦/ ٦٣).


الصفحة التالية
Icon