القرطبي «١» : وهو الأظهر.
واستدلوا بالأحاديث التي فيها الإرشاد إلى التسمية، وهذا خطأ فإن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد وقّت التسمية بإرسال الكلب، وإرسال السهم، ومشروعية التسمية عند الأكل حكم آخر، ومسألة غير هذه المسألة، فلا وجه لحمل ما ورد في الكتاب والسنة هنا، على ما ورد في التسمية عند الأكل، ولا ملجىء إلى ذلك.
وفي لفظ في «الصحيحين» من حديث عدي: «إن أرسلت كلبك وسميت فأخذ فكل» «٢». وقد ذهب جماعة إلى أن التسمية شرط، وذهب آخرون إلى أنها سنة فقط، وذهب جماعة إلى أنها شرط على الذاكر لا الناسي. وهذا أقوى الأقوال وأرجحها «٣».
[الآية الخامسة] الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥).
الْيَوْمَ: المراد بهذا اليوم والمذكورين قبله وقت واحد، وإنما كرّر للتأكيد، ولاختلاف الأحداث الواقعة فيه حسن تكريره، كذا قال أبو السعود. وقيل: أشار بذكر اليوم إلى وقت محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
كما تقول: هذه أيام فلان.
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ: هذه الجملة مؤكدة للجملة الأولى وهي قوله: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ، وقد تقدم بيان الطيبات.

(١) انظره في «تفسيره» (٦/ ٧٤).
(٢) البخاري (٩/ ٦١٢)، ومسلم (١٣/ ٧٦).
(٣) انظر: تفسير ابن عطية (٤/ ٣٥٦)، القرطبي (٦/ ٧٤)، الذخيرة للقرافي (٤/ ١٣٤)، والهداية للمرغيناني (٤/ ١٤٤٦، ١٤٤٧)، ونصب الراية للزيلعي (٤/ ١٨٢)، إعلام الموقعين (٢/ ١٥٤، ١٥٥).


الصفحة التالية
Icon