وكما دلت هذه الآية على تحريم الخمر، دلّت أيضا على تحريم الميسر والأنصاب والأزلام.
وقد رويت في سبب النزول روايات كثيرة موافقة لما ذكرناه «١».
وقد وردت أحاديث كثيرة في ذم الخمر وشاربها، والوعيد الشديد عليه، وأن كل مسكر حرام «٢»، وهي مدونة في كتب الحديث فلا نطول المقام بذكرها، وقد بسطنا الكلام عليها في شرحنا «مسك الختام لبلوغ المرام» فليرجع إليه «٣».
[الآية الثامنة عشرة]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ: هذا النهي شامل لكل أحد من ذكور المسلمين وإناثهم لأنه يقال: رجل حرام وامرأة حرام، والجمع حرم، وأحرم الرجل:
دخل في الحرم.
وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً: المتعمد هو القاصد للشيء مع العلم بالإحرام.
والمخطئ: هو الذي يقصد شيئا فيصيب صيدا.
والناسي: هو الذي يعتمد الصيد ولا يذكر إحرامه.
وقد استدل ابن عباس وأحمد- في رواية عنه- وداود باقتصاره سبحانه على العامد بأنه لا كفارة على غيره، بل لا تجب إلا عليه وحده، وبه قال سعيد بن جبير وطاووس وأبو ثور.
رواه الطبراني ورجاله رجال صحيح.
(٢) حديث صحيح: رواه مسلم (٦/ ١٠٠، ١٠١)، وأبو داود (٣٦٧٩)، والنسائي (٢/ ٣٢٥)، وأحمد في «المسند» (٢/ ٢٩).
(٣) وانظر: ابن قتيبة (١٤٦)، النكت (١/ ٤٨٥)، وزاد المسير (٢/ ٤٢٠)، والزجاج (٢/ ٢٢٧)، والقرطبي (٦/ ٣٠٠)، ابن كثير (٢/ ٩٧).