سيرين، وهو رواية عن مالك وعن أحمد بن حنبل، وبه قال أبو ثور وأبو داود الظاهري، إلى أن ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح حرام من غير فرق بين العامد والناسي لهذه الآية، ولقوله تعالى في آية الصيد: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة: ٤].
ويزيد هذا الاستدلال تأكيدا قوله سبحانه في هذه الآية: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتسمية، في الصيد وغيره.
وذهب الشافعي وأصحابه- وهو رواية عن مالك ورواية عن أحمد- إلى أن التسمية مستحبة لا واجبة، وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وعطاء بن أبي رباح.
وحمل الشافعي الآية على من ذبح لغير الله وهو تخصيص بالآية بغير مخصص.
وقد روى أبو داود في «المراسيل» «١» أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله عليه أو لم يذكر»، وليس في هذا المرسل ما يصلح لتخصيص الآية نعم حديث عائشة أنها قالت للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن قوما يأتوننا بلحمان لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: «سموا أنتم وكلوا» «٢» يفيد أن التسمية عند الأكل تجزىء مع التباس وقوعها عند الذبح.
وذهب مالك وأحمد في المشهور عنه وأبو حنيفة وأصحابه، وإسحاق بن راهوية أن التسمية إن تركت نسيانا لم تضر، وإن تركت عمدا لم يحل أكل الذبيحة، وهو مروي عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وعطاء وطاووس والحسن البصري وأبي مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمد وربيعة بن أبي عبد الرحمن.
واستدلوا بما أخرجه البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «المسلم إن نسي أن يسمي حين يذبح فليذكر اسم الله وليأكله» «٣».
(٢) حديث صحيح: رواه البخاري (٩/ ٦٣٤).
(٣) صحيح موقوفا: رواه البيهقي في «الكبرى» (٩/ ٢٣٩) عن ابن عباس مرفوعا.
ورواه عبد الرزاق (٨٥٤٨)، والبيهقي أيضا (٩/ ٢٣٩).
قلت: وعلة المرفوع- معقل بن عبيد الله الجزري- صدوق يخطىء.