واستدل بالآية أيضا على أن الكبيرة لا تخرج العبد المؤمن من إيمانه فإنه لا شك في كونه قتل العمد والعدوان من الكبائر إجماعا، ومع هذا خاطبه بعد القتل بالإيمان وسماه- حال ما وجب عليه من القصاص- مؤمنا، وكذا أثبت الأخوة بينه وبين وليّ الدم، وإنما أراد بذلك الأخوة الإيمانية، وكذا ندب إلى العفو عنه وذا لا يليق إلا عن العبد المؤمن. فليتذكر.
[الآيتان الحادية والثانية عشرة]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤).
لا خلاف بين المسلمين أجمعين أن صوم رمضان فريضة افترضها الله سبحانه على هذه الأمة.
والصيام في اللغة: أصله الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال «١».
وهو في الشرع: الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس «٢».
قيل: للمريض حالتان إن كان لا يطيق الصوم كان الإفطار عزيمة، وإن كان يطيقه مع تضرر ومشقة كان رخصة، وبهذا قال الجمهور.
واختلف أهل العلم في السفر المبيح للإفطار فقيل مسافة قصر الصلاة والخلاف في قدرها معروف- وبه قال الجمهور «٣»، وقال غيرهم بمقادير لا دليل عليها.
(١) انظر لسان العرب [٤/ ٢٥٢٩].
(٢) انظر شرح المهذب [٦/ ٢٤٨].
(٣) قال ابن هبيرة: وأجمعوا على أن للمسافر أن يترخص بالفطر، وعليه القضاء. انظر، الإفصاح