وقد ذهبوا إلى ظاهر الآية.
ومعنى فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اسأله سبحانه أن يعيذك.
مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) : أي من وساوسه، وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالاستعاذة عند إرادتها للتنبيه على أنها كسائر الأعمال الصالحة عند إرادتها لهم لأنه إذا وقع الأمر بها عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كانت عند إرادة غيرها أوفى، كذا قيل.
وكذا توجيه الخطاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للإشعار بأن غيره أولى منه بفعل الاستعاذة، لأنه إذا أمر بها لدفع وساوس الشيطان- مع عصمته- فكيف بسائر أمته.
وقد ذهب الجمهور إلى أن الأمر في الآية للندب، وروي عن عطاء الوجوب أخذا بظاهر الأمر.
[الآية الرابعة]
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦).
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ: قال القرطبي «١» : أجمع أهل العلم أن من أنكره على الكفر، حتى خشي على نفسه القتل، أنه لا إثم عليه [إن] «٢» كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر.
وحكي عن محمد بن الحسن أنه إذا أظهر الكفر كان مرتدا في الظاهر، وفيما بينه وبين الله على الإسلام، وتبين منه امرأته ولا يصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلما. وهذا القول مردود على قائله مدفوع بالكتاب والسنة.
وذهب الحسن البصري والأوزاعي والشافعي وسحنون إلى أن هذه الرخصة مثل

(١) انظره في «تفسيره» (١٠/ ١٨٢).
(٢) ما بين [معقوفين] زيادة اقتضاها السياق.


الصفحة التالية
Icon