رَاجِعًا إِلَى مَرْجِعِ الضَّمِيرَيْنِ قَبْلِهِ. وَهَذَا التَّأْيِيسُ يَسْتَتْبِعُ تَحْقِيرَ مَنْ تَوَهَّمَهُمُ الْكَفَرَةُ شُفَعَاءَ وَإِبْطَالَ مَا زَعَمُوهُ مُغْنِيًا عَنْهُمْ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ مِنْ قَرَابِينَ قَرَّبُوهَا وَمُجَادَلَاتٍ أَعَدُّوهَا وَقَالُوا: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [يُونُس: ١٨]. يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها [النَّحْل: ١١١].
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ فَسَّرَ قَوْلَهُ: لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً بِمَا يَعُمُّ الْإِجْزَاءَ فَجَعَلَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاص على الْعَالم وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَطِيَّةَ:
«حَصَرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْمَعَانِيَ الَّتِي اعْتَادَ بِهَا بَنُو آدَمَ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْوَاقِعَ فِي شِدَّةٍ لَا يَتَخَلَّصُ إِلَّا بِأَنْ يُشْفَعَ لَهُ أَوْ يُفْتَدَى أَوْ يُنْصَرَ» اهـ وَأَلْغَى جَمْعُهَا لِحَالَةِ أَنْ يَتَجَنَّبَ النَّاسُ إِيقَاعَهُ فِي
شِدَّةٍ اتِّقَاءً لِمَوَالِيهِ، وَمَا فَسَّرْنَا بِهِ أَرْشَقُ. وَقَدْ جُمِعَ كَلَامُ شُيُوخِ بَنِي أَسَدٍ مَعَ امْرِئِ الْقَيْسِ حِينَ كَلَّمُوهُ فِي دم أَبِيه حجر فَقَالُوا: فَأَحْمَدُ الْحَالَاتِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَعْرِفَ الْوَاجِبَ عَلَيْكَ فِي إِحْدَى خِلَالٍ ثَلَاثٍ: إِمَّا إِنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَشْرَفَهَا بَيْتًا فَقُدْنَاهُ إِلَيْكَ بِنِسْعَةٍ تَذْهَبُ مَعَ شَفَرَاتِ حُسَامِكَ بِبَاقِي قَصْرَتِهِ، أَوْ فِدَاءً بِمَا يَرُوحُ عَلَى بَنِي أَسَدٍ مِنْ نِعَمِهَا فَهِيَ أُلُوفٌ، وَإِمَّا وَادَعْتَنَا إِلَى أَنْ تَضَعَ الْحَوَامِلُ فَتُسْدَلَ الْأُزُرُ وَتُعْقَدَ الْخُمُرُ فَوْقَ الرَّايَاتِ» اهـ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (وَلَا يُقْبَلُ) بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ يَاءُ الْمُضَارِعِ الْمُسْنَدِ إِلَى مُذَكَّرٍ لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ، وَيَجُوزُ فِي كُلِّ مُؤَنَّثِ اللَّفْظِ غَيْرِ حَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ أَنْ يُعَامَلَ مُعَامَلَةَ الْمُذَكَّرِ لِأَنَّ صِيغَةَ التَّذْكِيرِ هِيَ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى سَبَبٍ، وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ رَعْيًا لِتَأْنِيثِ لَفْظِ (شَفَاعَةٍ).
وَالشَّفَاعَةُ: السَّعْيُ وَالْوَسَاطَةُ فِي حُصُولِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ سَوَاءٌ كَانَتِ الْوَسَاطَةُ بِطَلَبٍ مِنَ الْمُنْتَفِعِ بِهَا أَمْ كَانَتْ بِمُجَرَّدِ سَعْيِ الْمُتَوَسِّطِ وَيُقَالُ لِطَالِبِ الشَّفَاعَةِ مُسْتَشْفِعٌ. وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الشَّفْعِ لِأَنَّ الطَّالِبَ أَوِ التَّائِبَ يَأْتِي وَحْدَهُ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ قَبُولًا ذَهَبَ فَأَتَى بِمَنْ يَتَوَسَّلُ بِهِ فَصَارَ ذَلِكَ الثَّانِي شَافِعًا لِلْأَوَّلِ أَيْ مَصِيرُهُ شَفْعًا.
وَالْعَدْلُ- بِفَتْحِ الْعَيْنِ- الْعِوَضُ وَالْفِدَاءُ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّ الْفَادِيَ يَعْدِلُ الْمَفْدِيَّ بِمِثْلِهِ فِي الْقِيمَةِ أَوِ الْعَيْنِ وَيُسَوِّيهِ بِهِ، يُقَالُ عَدَلَ كَذَا بِكَذَا أَيْ سَوَّاهُ بِهِ.
وَالنَّصْرُ هُوَ إِعَانَةُ الْخَصْمِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ بِقُوَّةِ النَّاصِرِ وَغَلَبَتِهِ. وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ الْمُفِيدِ أَنَّ انْتِفَاءَ نَصْرِهِمْ مُحَقَّقٌ زِيَادَةً عَلَى مَا اسْتُفِيدَ مِنْ نَفْيِ الْفِعْلِ مَعَ إِسْنَادِهِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا.
وَقَدْ كَانَتِ الْيَهُودُ تَتَوَهَّمُ أَوْ تَعْتَقِدُ أَنَّ نِسْبَتَهُمْ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَكَرَامَةَ أَجْدَادِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يَجْعَلُهُمْ فِي أَمْنٍ مِنْ عِقَابِهِ عَلَى الْعِصْيَانِ وَالتَّمَرُّدِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأُمَمِ فِي إِبَّانِ جَهَالَتِهَا وَانْحِطَاطِهَا
مِنْ نِسْبَتِهِ إِلَى التَّقْصِيرِ، فَإِذَا سُجِّلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُجُودِ دَوَاعِيهِ كَانَ عَلَى حَذَرٍ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا يَقُولُ مَنْ يُوصِي غَيْرَهُ: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا وَمَا أَظُنُّكَ تَفْعَلُ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحْدَهُ عَسِيتُمْ بِكَسْرِ السِّينِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ السِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ فِي عَسَى إِذَا اتَّصَلَ بِهَا ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ أَوِ الْمُخَاطَبِ، وَكَأَنَّهُمْ قَصَدُوا مِنْ كَسْرِ السِّينِ التَّخْفِيفَ بِإِمَاتَةِ سُكُونِ الْيَاءِ.
وَقَوْلُهُ: قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَاءَتْ وَاوُ الْعَطْفِ فِي حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ إِذْ كَانَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ إِرَادَةَ أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُمْ عَنْ كَلَامِهِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِمْ:
ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا يُؤَدِّي مِثْلَهُ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَأَرَادُوا تَأْكِيدَ رَغْبَتِهِمْ، فِي تَعْيِينِ مَلِكٍ يُدَبِّرُ أُمُورَ الْقِتَالِ، بِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ كُلَّ خَاطِرٍ يَخْطُرُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ التَّثْبِيطِ عَنِ الْقِتَالِ، فَجَعَلُوا كَلَامَ نَبِيئِهِمْ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ مُعْتَرِضٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِمُ الَّذِي كَمَّلُوهُ، فَمَا يَحْصُلُ بِهِ جَوَابُهُمْ عَنْ شَكِّ نَبِيِّهِمْ فِي ثَبَاتِهِمْ، فَكَانَ نَظْمُ كَلَامِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الرُّسُلِ: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمرَان: ١٢٢]، وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا [إِبْرَاهِيم: ١٢].
و (مَا) اسْمُ اسْتِفْهَامٍ بِمَعْنَى أَيِّ شَيْءٍ وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ وَتَعَجُّبِيٌّ مِنْ قَوْلِ نَبِيِّهِمْ: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا لِأَنَّ شَأْنَ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ سَبَبِهِ. وَاسْمُ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ، ولَنا خَبَرُهُ، وَمَعْنَاهُ مَا حَصَلَ لَنَا
أَوْ مَا اسْتَقَرَّ لَنَا، فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لَنا لَامُ الِاخْتِصَاصِ و «أَن» حَرْفُ مَصْدَرٍ وَاسْتِقْبَالٍ، ونُقاتِلْ مَنْصُوبٌ بِأَنْ، وَلَمَّا كَانَ حَرْفُ الْمَصْدَرِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ بَعْدَهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، فَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ أَنْ وَفِعْلِهَا إِمَّا أَنْ يُجْعَلَ مَجْرُورًا بِحَرْفِ جَرٍّ مُقَدَّرٍ قَبْلَ أَنْ مُنَاسِبٍ لِتَعَلُّقِ (لَا نُقَاتِلَ) بِالْخَبَرِ مَا لَنَا فِي أَلَّا نُقَاتِلَ أَيِ انْتِفَاءِ قِتَالِنَا أَوْ مَا لَنَا لِأَلَّا نُقَاتِلَ أَيْ لِأَجْلِ انْتِفَاءِ قِتَالِنَا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ إِنْكَارَهُمْ أَنْ يَثْبُتَ لَهُمْ سَبَبٌ يَحْمِلُهُمْ عَلَى تَرْكِهِمُ الْقِتَالَ، أَوْ سَبَبٌ لِأَجْلِ تَرْكِهِمُ الْقِتَالَ، أَيْ لَا يَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ. وَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ بَدَلًا مِنْ ضَمِيرِ لَنا: بَدَلُ اشْتِمَالٍ، وَالتَّقْدِيرُ: مَا لَنَا لِتَرْكِنَا الْقِتَالَ.
وَمِثْلُ هَذَا النَّظْمِ يَجِيءُ بِأَشْكَالٍ خَمْسَةٍ: مِثْلَ مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ [يُوسُفَ:
١١] وَما لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي [يس: ٢٢] مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [الصافات: ١٥٤] فمالك وَالتَّلَدُّدَ حَوْلَ نَجْدٍ فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ [النِّسَاء: ٨٨]، وَالْأَكْثَرُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَوْضِعِ حَالٍ، وَلَكِنَّ الْإِعْرَابَ يَخْتَلِفُ وَمَآلُ الْمَعْنَى مُتَّحِدٌ.
وَقَوْلُهُ: خالِدِينَ فِيها أَبَداً بِشَارَةٌ بِأَنَّهَا مَسْكَنُهُمْ الْخَالِدُ.
وَوَصْفُ الْجَنَّاتِ بِ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لِبَيَانِ مُنْتَهَى حُسْنِهَا.
وَجَرْيُ النَّهْرِ مُسْتَعَارٌ لِانْتِقَالِ السَّيْلِ تَشْبِيهًا لِسُرْعَةِ انْتِقَالِ الْمَاءِ بِسُرْعَةِ الْمَشْيِ.
وَالنَّهْرُ: أُخْدُودٌ عَظِيمٌ فِي الْأَرْضِ يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ فَلَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَجْمُوعِ الْأُخْدُودِ وَمَائِهِ. وَإِسْنَادُ الْجَرْيِ إِلَى الْأَنْهَارِ تَوَسُّعٌ فِي الْكَلَامِ لِأَنَّ الَّذِي يَجْرِي هُوَ مَاؤُهَا وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي مَاهِيَّةِ النَّهْرِ.
وَجُعِلَ جَزَاءُ الْجَمَاعَةِ جَمْعَ الْجَنَّاتِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ التَّوْزِيعِ، أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ جَنَّةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ [الْبَقَرَة: ١٩] وَقَوْلِكَ: رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ أَحَدٍ جَنَّاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْفضل لَا ينْحَصر قَالَ تَعَالَى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [الرَّحْمَن: ٤٦].
وَجُمْلَةُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ خالِدِينَ، أَيْ خَالِدِينَ خُلُودًا مُقَارِنًا لِرِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ، فَهُمْ فِي مُدَّةِ خُلُودِهِمْ فِيهَا مَحْفُوفُونَ بِآثَارِ رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ أَعْظَمُ مَرَاتِبِ الْكَرَامَةِ قَالَ تَعَالَى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التَّوْبَة: ٧٢] وَرِضَى اللَّهِ تَعَلُّقُ إِحْسَانِهِ وَإِكْرَامِهِ لِعَبْدِهِ.
وَأَمَّا الرِّضَى فِي قَوْلِهِ: وَرَضُوا عَنْهُ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِمْ نَالَهُمْ مِنْ إِحْسَانِ اللَّهِ مَا لَا مَطْلَبَ لَهُمْ فَوْقَهُ كَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الْغَارِ: «فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ»، وَقَوْلُ مَخْرَمَةَ حِينَ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَاءً: «رَضِيَ مَخْرَمَةُ». وَزَادَهُ حُسْنَ وَقْعٍ هُنَا مَا فِيهِ مِنَ الْمُشَاكَلَةِ.
ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ تَذْيِيلٌ آتٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَعْدِ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَالْوَعِيدِ لِلَّذِينِ كَفَرُوا بَيَّنَ بِهِ سَبَبَ الْعَطَاءِ وَسَبَبَ الْحِرْمَانِ وَهُوَ خَشْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْطُوقِ الصِّلَةِ وَمَفْهُومِهَا.
وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْجَزَاءِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَعْنِي أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي أَنَالَهُمْ ذَلِكَ الْجَزَاءَ هُوَ خَشْيَتُهُمُ اللَّهَ فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَشُوا اللَّهَ تَوَقَّعُوا غَضَبَهُ إِذَا لَمْ