@ في رب العالمين وتنقصه بأقبح التنقص فكان الكلام معكم في الرسول والكلام الآن في تنزيه الرب تعالى فقال كيف تقول مثل هذا الكلام فقلت له بيانه علي فاسمع الآن أنتم تزعمون أنه لم يكن رسولا وإنما كان ملكا قاهرا قهر الناس بسيفه حتى دانوا له ومكث ثلاثا وعشرين سنة يكذب على الله ويقول أوحي إلي ولم يوح إليه وأمرني ولم يأمره ونهاني ولم ينهه وقال الله كذا ولم يقل ذلك وأحل كذا وحرم كذا وأوجب كذا وكره كذا ولم يحل ذلك ولا حرمه ولا أوجبه بل هو فعل ذلك من تلقاء نفسه كاذبا مفتريا على الله وعلى أنبيائه وعلى رسله وملائكته ثم مكث من ذلك ثلاث عشرة سنة يستعرض عباده يسفك دمائهم ويأخذ أموالهم ويسترق نساءهم وأبناءهم ولا ذنب لهم إلا الرد عليه ومخالفته وهو في ذلك كله يقول الله أمرني بذلك ولم يأمره ومع ذلك فهو ساع في تبديل أديان الرسل ونسخ شرائعهم وحل نواميسهم فهذه حاله عندكم فلا يخلو إما أن يكون الرب تعالى عالما بذلك مطلعا عليه من حاله يراه ويشاهده أم لا فإن قلتم إن ذلك جميعه غائب عن الله لم يعلم به قد حتم في الرب تعالى ونسيتموه إلى الجهل المفرط إذ لم يطلع على هذا الحادث العظيم ولا علمه ولا رآه وإن قلتم بل كان ذلك بعلمه واطلاعه ومشاهدته قيل لكم فهل كان قادرا على أن يغير ذلك ويأخذ على يده ويحول بينه وبينه أم لا فإن قلتم ليس قادرا على ذلك نسبتموه إلى العجز المنافي للربوبية وكان هذا الإنسان هو وأتباعه أقدر منه على تنفيذ إرادتهم وإن قلتم بل كان قادرا ولكن مكنه ونصره وسلطه على الخلق ولم ينصر أولياءه وأتباع رسله نسبتموه إلى أعظم السفه والظلم والاخلال بالحكمة هذا لو كان مخلي بينه وبين ما فعله فكيف وهو في ذلك كله ناصره ومؤيده ومجيب دعواته ومهلك من خالفه وكذبه ومصدقه بأنواع التصديق ومظهر الآيات على يديه التي لو اجتمع أهل الأرض كلهم على أن يأتوا بواحدة منها لما أمكنهم ولعجزوا عن ذلك وكل وقت من الأوقات يحدث له من أسباب النصر والتمكين والظهور والعلو وكثرة الاتباع أمرا خارجا عن العادة فظهر أن من أنكر كونه رسولا نبيا فقد سبب الله وقدح فيه ونسبه إلى الجهل والعجز والسفه
قلت له ولا ينتقض هذا بالملوك الظلمة الذين مكنهم الله في الأرض وقتا ما