@ هاتين يقول إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتسور عليها الملك الذي يخلقها فيقول يا رب اذكر أم أنثى أسوي أم غير سوي فيجعله الله سويا أو غير سوي ثم يقول يا رب ما رزقه وما أجله وما خلقه ثم يجعله الله عز وجل شقيا أو سعيدا وفي لفظ آخر في الصحيح أيضا أن ملكا موكلا بالرحم إذا أراد الله أن يخلق شيئا بإذن الله لبضع وأربعين ليلة ثم ذكر نحوه
قيل نتلقاه أيضا بالتصديق والقبول وترك التحريف وهذا يوافق ما أجمع عليه الأطباء أن مبدأ التخليق والتصوير بعد الأربعين
فإن قيل فكيف التوفيق بين هذا وبين حديث ابن مسعود وهو صريح في أن النطفة أربعين يوما نطفة ثم أربعين علقة ثم أربعين مضغة ومعلوم أن العلقة والمضغة لا صورة فيهما ولا جلد ولا لحم ولا عظم وليس بنا حاجة إلى التوفيق بين حديثه هذا وبين قول الاطباء فإن قول النبي ﷺ معصوم وقولهم عرضة للخطأ ولكن الحاجة إلى التوفيق بين حديثه وحديث حذيفة المتقدم قيل لا تنافي بين الحديثين بحمد الله وكلاهما خارج من مشكاة صادقة معصومة وقد ظن طائفة أن التصوير في حديث حذيفة إنما هو بعد الأربعين الثالثة قالوا وأكثر ما فيه التعقيب بالفاء وتعقيب كل شيء بحسبه وقد قال تعالى ﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ﴾ بل قد قال تعالى ﴿ م خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ﴾ وهذا تعقيب بحسب ما يصلح له المحل ولا يلزم أن يكون الثاني عقيب الأول تعقيب اتصال
وظنت طائفة أخرى أن التصوير والتخليق في حديث حذيفة في التقدير والعلم والذي في حديث ابن مسعود في الوجود الخارجي والصواب يدل على أن الحد ما دل عليه الحديث من أن ذلك في الأربعين الثانية ولكن هنا تصويران أحدهما تصوير خفي لا يظهر وهو تصوير تقديري كما تصور حين تفصل الثوب أو تنجر الباب مواضع القطع والتفصيل فيعلم عليها ويضع مواضع الفصل والوصل وكذلك كل من يضع صورة في مادة لا سيما مثل هذه الصورة ينشىء فيها التصوير والتخليق على التدريج شيئا بعد شيء لا وهلة