@ الطبقات والرطوبات شكل مخصوص ومقدار مخصوص لو لم يكن عليه لاختلت المصلحة المقصودة وجعل سبحانه موضع الابصار في قدر العدسة ثم أظهر في تلك العدسة قدر السماء والأرض والجبال والبحار والشمس والقمر فانظر كيف اتسعت تلك العدسة أن يرتسم فيها مالا نسبة لها إليه البتة وجعل تلك القوة الباصرة في جزء أسود فتأمل كيف قام الباصر بهذا الجزء الأسود
وجعل سبحانه الحدقة مصونة بالأجفان لتسترها وتحفظها وتصقلها وتدفع الأقذاء عنها وجعل شعر الأجفان أسود ليكون سواده سببا لاجتماع النور الذي به الابصار ويكون مانعا من تفرقه ويكون أبلغ في الحسن والجمال
وخلق سبحانه لتحرك الحدقة أربعة وعشرين عضلة لو نقصت واحدة منهن لاختل أمر العين
ولما كانت العين شبيهة بالمرآة التي إنما ينتفع بها إذا كانت في غاية الصقالة والصفاء جعل سبحانه الأجفان متحركة إلى الانفتاح والاطباق أبدا باختيار الإنسان وغير اختياره لتبقى الحدقة نقية صافية عن جميع الكدورات وجعل العينين بمنزلة المرآتين الصقيلتين اللتين تنطبع فيهما صور الأشياء الخارجة فيتأثر القلب ثم يظهر ما فيه عليهما فيتأثران به فهما مرآة لما في القلب يظهر فيهما ومرآة لما في الخارج تنطبع صورته فيهما فالعينان على القلب كالزجاجتين الموضوعتين في المرآة ولذلك يستدل بأحوال العين على أحوال القلب من رضاه وغضبه وحبه وبغضه ونفرته ومن أعجب الأشياء أن العين من ألطف أعضاء البدن وبغضه ونفرته ومن أعجب الأشياء أن العين من ألطف أعضاء البدن وهي لا تتأثر بالحر والبرد تأثر غيرها من الأعضاء الكثيفة ولو كان الأمر عائدا إلى مجرد الطبيعة لكان ينبغي أن يكون الأمر بالعكس لأن الألطف أسرع تأثرا فعلم أن حصول هذه المصالح ليس هو بمجرد الطبع فصل
ثم اعدل إلى الأذنين وتأمل شقهما وخلقهما وإيداع الرطوبة فيهما ليكونا عونا على إدراك السمع وجعلهما مرة لتمتنع الهوام عن الدخول