فإذا عرف ان حقيقة قول هؤلاء المشركية الصابئة ان القرآن قول البشر كغيره لكنه أفضل من غيره كما أن بعض البشر أفضل من بعض وانه فاض على نفس النبى من المحل الأعلى كما تفيض سائر العلوم والمعارف على نفوس أهلها فاعلم ان هذا القول كثر فى كثير من المتأخرين المظهرين للإسلام وهم منافقون وزنادقة وان ادعوا كمال المعارف من المتفلسفة والمتكلمة والمتصوفة والمتفقهين حتى يقول احدهم كالتلمسانى كلامنا يوصل إلى الله والقرآن يوصل إلى الجنة وقد يقول بعضهم كابن عربى إن الولي يأخذ من حيث ما يأخذ الملك الذى يوحى إلى النبى ويقول كثير منهم ان القرآن للعامة وكلامنا للخاصة
فهؤلاء جعلوا القرآن عضين وضربوا له الأمثال مثل ما فعل المشركون قبلهم كما فعلوا بالنبى فان هؤلاء منهم من يفضل الولى الكامل والفيلسوف الكامل على النبى ومنهم من يفضل بعض الأولياء على زعمه أو بعض الفلاسفة مثل نفسه أو شيخه أو متبوعه على النبى وربما قالوا هو أفضل من وجه والنبى أفضل من وجه فلهم من الالحاد والافتراء فى رسل الله نظير مالهم من الالحاد والافتراء فى رسالات الله فيقيسون الكلام الذى بلغته الرسل عن الله بكلامهم ويقيسون رسل الله بأنفسهم وقد بين الله حال هؤلاء فى مثل قوله ^ وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما انزل على بشر من شىء ^

__________


الصفحة التالية
Icon