فقد بين فى غير موضع أنه منزل من الله فمن قال انه منزل من بعض المخلوقات كاللوح والهواء فهو مفتر على الله مكذب لكتاب الله متبع لغير سبيل المؤمنين ألا ترى ان الله فرق بين ما نزل منه وما نزله من بعض المخلوقات كالمطر بأن قال ( أنزل من السماء ماء ) فذكر المطر فى غير موضع وأخبر أنه نزله من السماء والقرآن أخبر أنه منزل منه وأخبر بتنزيل مطلق فى مثل قوله ( وأنزلنا الحديد ) لأن الحديد ينزل من رؤوس الجبال لا ينزل من السماء وكذلك الحيوان فان الذكر ينزل الماء فى الاناث فلم يقل فيه من السماء
ولو كان جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ لكان اليهود أكرم على الله من أمة محمد لأنه قد ثبت بالنقل الصحيح ان الله كتب لموسى التوراة بيده وأنزلها مكتوبة فيكون بنو اسرائيل قد قرأوا الألواح التى كتبها الله وأما المسلمون فأخذوه عن محمد ومحمد أخذه عن جبريل وجبريل عن اللوح فيكون بنو اسرائيل بمنزلة جبريل وتكون منزلة بنى اسرائيل أرفع من منزلة محمد على قول هؤلاء الجهمية والله سبحانه جعل من فضائل أمة محمد أنه أنزل عليهم كتابا لا يغسله الماء وانه أنزله عليهم تلاوة لا كتابة وفرقه عليهم لأجل ذلك فقال ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) وقال تعالى ( وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا )