فقالت المثبتة من الجهمية المجبرة بل كل الأفعال جائزة عليه كما جاز ذلك الخاص و إنما يعلم أنه لا يفعل بما لا يفعل أويفعل ما يفعل بالخبر خبر الأنبياء عنه و إلا فمهما قدر جاز أن يفعله و جاز أن لا يفعله ليس فى نفس الأمر سبب و لا حكمة و لا صفة تقتضي التخصيص ببعض الأفعال دون بعض بل ليس إلا مشيئة نسبتها إلى جميع الحوداث سواء ترجح أحد المتماثلين بلا مرجح
فقيل لهم فيجوز تأييد الكذاب بالمعجز فلا يبقى المعجز دليلا على صدق الأنبياء فلا يبقى خبر نبى يعلم به الفرق فيلزم مع الكفر بالأنبياء أن لا يعلم الفرق لا بسمع و لا بعقل
فاحتالوا للفرق بين المعجزات و غيرها بأن تجويز إتيان الكذاب بالمعجزات يستلزم تعجيز الباري تعالى عما به يفرق بين الصادق و الكاذب أولأن دلالتها على الصدق معلوم بالاضطرار كما قد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع و بين خطأ الطائفتين و أن هؤلاء الذين اتبعوا جهما في الجبر و نفوا حكمة الله و رحمته و الأسباب التى بها يفعل و ما خلقه من القوى و غيرها هم مبتدعة مخالفون للكتاب و السنة و إجماع السلف مع مخالفتهم لصريح المعقول كما أن القدرية النفاة مخالفون للكتاب و السنة و إجماع السلف مع مخالفتهم لصريح المعقول