والنهى عن المنكر إذا أمر بأوصاف فلا بد من العلم بثبوتها فكما أنا لا تكون مطيعين إذا علمنا عدم الطاعة فلا نكون مطيعين إلا إذا لم نعلم وجودها بل الجهل بوجودها كالعلم بعدمها وكون كل منهما معصية فإن الجهل بالتساوى كالعلم بالتفاضل فى بيع الأموال الربوية بعضها بجنسه فإن لم نعلم المماثلة كان كما لو علمنا المفاضلة وأما معرفة ما يتركه وينهى عنه فقد يكتفى بمعرفته فى بعض المواضع مجملا فالإنسان يحتاج إلى معرفة المنكر وإنكاره وقد يحتاج إلى الحجج المبنية لذلك وإلى الجواب عما يعارض به اصحابها من الحجج وإلى دفع أهوائهم وإرادتهم وذلك يحتاج إلى إرادة جازمة وقدرة على ذلك وذلك لا يكون إلا بالصبر كما قال تعالى ! ٢ < والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر > ٢ !
وأول ذلك أن تذكر الأقوال والأفعال على وجه الذم لها والنهى عنها وبيان ما فيها من الفساد فإن الإنكار بالقلب واللسان قبل الإنكار باليد وهذه طريقة القرآن فيما يذكره تعالى عن الكفار والفساق والعصاة من اقوالهم وأفعالهم يذكر ذلك على وجه الذم والبغض لها ولأهلها وبيان فسادها وضدها والتحذير منها كما أن فيما يذكره عن أهل العلم والإيمان ومن فيهم من أنبيائه وأوليائه على وجه المدح والحب وبيان صلاحه ومنفعته والترغيب فيه وذلك نحو قوله تعالى ^ وقالوا إتخذ

__________


الصفحة التالية
Icon