فقوله ( لا أعبد ما تعبدون و لا أنتم عابدون ما أعبد ( يقتضى تنزيهه عن كل موصوف بأنه معبودهم لأن كل ما عبده الكافر و جبت البراءة منه لأن كل من كان كافرا لا يكون معبوده الإله الذي يعبده المؤمن إذ لو كان هو معبوده لكان مؤمنا لا كافرا و ذلك يتضمن أمورا
( أحدها ( أن ذلك يستلزم براءته من أعيان من يعبدونهم من دون الله
( الثاني ( أنهم إذا عبدوا الله و غيره فمعبودهم المجموع و هو لا يعبد المجموع لا يعبد إلا الله و حده فيعبده على و جه إخلاص الدين له لا على و جه الشرك بينه و بين غيره
و بهذا يظهر الفرق بين هذا و بين قول الخليل ( إنني برآء مما تعبدون إلا الذي فطرني ( و قوله ( أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم و آباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ( بأن يقال هنا نفي عبادة المجموع و ذلك لا ينفى عبادة الواحد الذي هو الله و الخليل تبرأ من المجموع و ذلك يقتضي البراءة من كل و احد فاستثنى أو يقال الخليل تبرأ من جميع المعبودين من الجميع فوجب أن يستثنى رب العالمين و لهذا لما و قع مستثنى فى أول الكلام فى قوله