فتبين أن ما يقال أنه متولد من غيره من الأعيان القائمة بنفسها فلا يكون إلا من مادة تخرج من ذلك الوالد و لا يكون إلا من أصلين و الرب تعالى صمد فيمتنع أن يخرج منه شيء و هو سبحانه لم يكن له صاحبة فيمتنع أن يكون له و لد
و أما ما يستعمل من تولد الأعراض كما يقال تولد الشعاع و تولد العلم عن الفكر و تولد الشبع عن الأكل و تولدت الحرارة عن الحركة و نحو ذلك فهذا ليس من تولد الأعيان مع أن هذا لابد له من محل و لابد له من أصلين و لهذا كان قول النصاري أن المسيح إبن الله تعالى الله عن ذلك مستلزما لأن يقولوا إن مريم صاحبة الله فيجعلون له زوجة و صاحبة كما جعلوا له و لدا و بأي معنى فسروا كونه إبنه فإنه يفسر الزوجة بذلك المعنى و الأدلة الموجبة تنزيهه عن الصاحبة توجب تنزيهه عن الولد فإذا كانوا يصفونه بما هو ابعد عن إتصافه به كان إتصافه بما هو أقل بعدا لازما لهم و قد بسط هذا فى الرد على النصارى
فصل وهذا مما يبين أن ما نزه الله نفسه و نفاه عنه بقوله ^ لم يلد و لم يولد ^ ( و بقوله ( ^ ألا إنهم من إفكهم ليقولون و لد الله و أنهم