مكة قد جعلت أرضها للمسلمين و جعل عليها خراج لم يمتنع بيع مساكنها لذلك فكيف و مكة أقرها النبى صلى الله عليه و سلم بيد أهلها على ما كانت عليه مساكنها و مزارعها و لم يقسمها و لم يضرب عليها خراجا و لهذا قال من قال إنها فتحت صلحا و لا ريب أنها فتحت عنوة كما تدل عليه الأحاديث الصحيحة المتواترة لكن النبى صلى الله عليه و سلم أطلق أهلها جميعهم فلم يقتل إلا من قاتله و لم يسب لهم ذرية و لا غنم لهم مالا و لهذا سموا الطلقاء
وأحمد و غيره من السلف إنما عللوا ذلك بكونها فتحت عنوة مع كونها مشتركة بين المسلمين كما قال تعالى ( ^ و المسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه و الباد ^ ( و هذه هي العلة التى إختصت بها مكة دون سائر الأمصار فإن الله أوجب حجها على جميع الناس و شرع إعتمارها دائما فجعلها مشتركة بين جميع عباده كما قال ( ^ سواء العاكف فيه و الباد ^ ( و لهذا كانت منى و غيرها من المشاعر من سبق الى مكان فهو أحق به حتى ينتقل عنه كالمساجد و مكة نفسها من سبق الى مكان فهو أحق به و الإنسان أحق بمسكنه ما دام محتاجا إليه و ما إستغنى عنه من المنافع فعليه بذله بلا عوض لغيره من الحجيج و غيرهم و لهذا كانت الأقوال فى إجارة دورها و بيع رباعها ثلاثة
قيل لا يجوز لا هذا و لا هذا و قيل يجوز الأمران

__________


الصفحة التالية
Icon