فى الردّ عليهم بلَنْ، وهو أَبلغ أَلفاظ النفى، ودعواهم فى الجمعة قاصرة مترددة، وهى زعمهم أَنهم أَولياءُ الله، فاقتصر على (لا).
قوله ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ وفى غيرها ﴿لاَ يَعْقِلُوْنَ﴾ ﴿لاَ يَعْلَمُوْنَ﴾ لأَن هذه نزلت فيمَن نقض العهد من اليهود، ثم قال ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ ؛ لأَن اليهود بين ناقض عهد، وجاحد حق، إِلا القليلَ، منهم عبدُ الله بن سَلاَم وأَصحابُه، ولم يأت هذان المعنيان معا فى غير هذه السُّورة.
قوله: ﴿وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الذي جَآءَكَ مِنَ العلم﴾ وفيها أَيضاً ﴿مِنْ بَعْدَ الذي جَآءَكَ مِنَ العلم﴾ فجعل مكان قوله: (الَّذى) (ما) وزاد (من) ؛ لأَنَّ العلم فى الآية الأُولى عِلْم بالكمال، وليس وراءَه علم؛ لأَنَّ معناه: بعد الذى جاءَك من العلم بالله، وصفاته، وبأَنّ الهدى هدى اللهِ، ومعناه: بأَنَّ دين الله الإِسلام؛ وأَنَّ الْقرآن كلام الله، (وكان) لفظ (الذى) أَليق به من لفظ (ما) لأَنه فى التعريف أَبلغ؛ وفى الوصف أَقعد؛ لأَن (الذى) تعرِّفه صلتُه، فلا ينكَّر قطٌّ، ويتقدَّمه أَسماء الإِشارة؛ نحو قوله ﴿أَمَّنْ هاذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ﴾ ﴿أَمَّنْ هاذا الذي يَرْزُقُكُمْ﴾ فيكتنف (الَّذى) بيانان: الإِشارةُ، والصلة، ويلزمُه الأَلِف واللاَّم، ويثنَّى ويُجمع. وأَمَّا (ما) فليس له شىء من ذلك؛ لأَنه يتنكَّر مَرّة، ويتعرّف أُخرى، ولا يقع وصفاً لأَسماءِ الإِشارة، ولا يدخله الأَلِف


الصفحة التالية
Icon