الظُّلم على مَن لم يتُبْ، ولا أَظلم منه بجهله بربّه، وبحقِّه، وبعيب نفسه، وبآفات أَعماله. وفى الصّحيح: "يا أَيُّها النَّاسُ توبوا إِلى الله؛ فإِنى أَتوب إِليه فى اليوم أَكثر من سبعين مرّة"، وكان أَصحابه يَعُدّون له فى المجلس الواحد قبل أَن يقوم: (ربّ اغفر لى وتُبْ علىّ إِنَّك أَنت التَّواب الرّحيم) مائة مرّة، وما صلَّى قطُّ بعد نزول سورة النَّصر إلا قال فى صلاته: سبحانك اللَّهمّ ربّنا وبحمدك، اللَّهمّ اغفر لى.
وقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ﴾ يريد بالتَّوبة تمييز البقيّة من العزَّة: بأَن يكون المقصود من التَّوبة تقوى الله، وهو خوفه، وخشيته، والقيام بأَمره، واجتناب نهيه، فيعمل بطاعته على نور من الله، يرجو ثواب الله، ويترك معصية الله على نور من الله، يخاف عقاب الله، لا يريد بذلك عِزّ الطَّاعة؛ فإِنَّ للطَّاعة والتَّوبة عزّاً ظاهراً وباطناً، فلا يكون مقصوده العزَّة، وإِن علم أَنها تحصل له بالطَّاعة، والتَّوبة. فمن تاب لأَجل أَمر فتوبتُه مدخولةٌ.
وسرائر التوبة ثلاثة أَشياءَ هذا أَحدها، والثانى نسيان الجِناية. والثالث التَّوبة من الإِسلام والإِيمان. قلنا المراد منه التَّوبة من رؤية التَّوبة