بصيرة فى الخلق
وهو التقدير، وقيل: التقدير المستقيم. ويستعمل فى إِبداع الشئ من غير أَصل ولا احتذاء. قال تعالى: ﴿خَلَقَ السماوات والأرض﴾ أَى أَبدعهما بدلالة قوله: ﴿بَدِيعُ السماوات والأرض﴾. ويستعمل فى إِيجاد الشئ من الشئ. قال تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾.
وليس الخلق بمعنى الإِبداع إِلاَّ لله تعالى. ولهذا قال تعالى فى الفصل بينه وبين غيره: ﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ﴾ وأَمّا الَّذى يكون بالاستحالة فقد جعله الله لغيره فى بعض الأَحوال كعيسى عليه السّلام حيث قال: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير﴾ والخَلْق لا يستعمل فى جميع النَّاس إِلاَّ على وجهين:
أَحدهما فى معنى التقدير كقوله:
ولأَنت تفرِى ما خلقتَ وبعض الـ | ـقوم يخلق ثم لا يفرى |
إِن قيل: قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ يدل على أَنَّه يصحّ أَن يوصف به غيره، قلنا: إِن ذلك معناه: أَحسن المُقدِّرين، أَو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أَنَّ غير الله يُبدِعُ، فكأَنَّه