صفات الكمال، ونعوت الجلال، وأَحسَّت روحه بالقرب الخاصّ الذى ليس كالقرب المحسوس، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه - فإِنَّ حجابه هو نفسه، وقد رفع الله عنه سبحانه ذلك الحجاب بحوله وقوته - أَفضى القلب والروح حينئذ إِلى الرَّب، فصار بعنده كأَنَّه يراه. فإِذا تحقَّق بذلك، وارتفع عنه حجاب النفس، وانقشع عنه ضياؤها ودخانها، وكُشطت عنه سُحُبها وغيومها، فهنالك يقال له:
| بَدَا لك سرّ طال عنك اكتِتامُهُ | ولاحَ صَباحٌ كنت أَنت ظَلامُهُ |
| فأَنت حِجابُ القَلْبِ عن سرّ غَيْبه | ولَوْلاك لم يُطبَعْ عَلَيْكَ خِتامُهُ |
| فإِن غبْتَ عنه حَلّ فيه وطنَّبت | على منكب الكَشْفِ المصُونِ خيامُه |
| وجاءَ حديثٌ لا يُمَلُّ حديثه | ويُنهَى إِلينا نثره ونِظامُهُ |
| إِذا ذكَرَتهُ النفس زال عَناؤها | وزال عن القلْبِ الكَئِيب قَتَامُه |