بصيرة فى مرا ومرى ومزج ومزن
مَرَأَ أَى طَعِم. ومالك لا تَمْرَأ: أَى لا تطعم. ومرأَنى الطعام يمرؤ مُرُوءًا. ومَرَأَ الطعامُ نفسه، ومَرُؤ، ومرِئ - مثلثة -: صار مَرِيئا. وقال بعضهم: أَمرأَنى الطعام. وقال الفراءُ: هَنَأَنى الطعام ومَرَأَنى إِذا تبعت هنأَنى، فإِذا أَفردوها قالوا: أَمرأَنى. وهو طعام ممرِئ. قال تعالى: ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾.
والمُرُوءَة: كمال المرءِ، كما أَن الرُجُوليّة كمال الرجل، وهى فُعُولة من لفظ المرءِ؛ كالفُتُوَّة من الفَتَى. وحقيقتها: اتِّصاف النفس بصفات الإِنس التى فارق بها [الإِنسانُ] الحيوان والبهيمة والشيطان الرجيم. فإِن للنفس ثلاثة دواع: داعٍ يدعوها إِلى الاتِّصاف بأَخلاق الشيطان: من الكِبْر والحسد والبغى والفساد؛ وداع يدعوها إِلى أَخلاق الحيوان، وهو داعى الشهوة؛ وداع يدعوها إِلى أَخلاق المَلَك: من الإِحسان والنصح والبِرّ والطاعة والعلم. فحقيقة المروءَة: بِغْضة ذينك الداعيين وإِجابة هذا الداعى الثالث. وقلَّة المروة وعدمُها: الاسترسال مع ذينك الداعييَن [وعدم] إِجابة الداعى الثالث؛ كما قال بعض السلف: خلق الله الملائكة عقولا بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقل، وخلق الإِنسان وركَّبهما فيه، فمن غلب عقلُه شهوتَه التحق بالملائكة، ومن غلَبت شهوتُه عقلَه التحق بالبهائم، ولهذا قيل فى حدّ المروءَة: إِنها غلَبة العقل للشهوة.