وكلّ هِداية نَفاها عن النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعن البشر وذكر أَنَّهم غيرُ قادِرين عليها فهى ماعَدا المُخْتصّ به من الدّعاء وتعريفِ الطريق، وذلك/ كإِعطاءِ العَقْل والتوفيق، وإِدخال الجنَّة، وإِلى هذا المعنَى أَشار بقوله: ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾. وقوله: ﴿وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد﴾ أَى طالبُ الهُدَى ومُتَحرِّيه هو الَّذى يُوَفِّقه ويَهْديه إِلى طريق الجَنَّة لامَنْ ضادَّهُ فتحرَّى طريقَ الضَلالَة والكُفْر كقوله: ﴿والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين﴾، وقوله: ﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ الكاذِبُ الكَفَّار هو الَّذى لا يَقْبلُ هِدايَتَه؛ فإِنَّ ذلك راجعٌ إِلى هذا وإِنْ لم يكن لفظُه موضوعاً لذلك، ومن لم يَقْبل هِدايَتَه لم يَهْدِه كقولك: من لم يَقْبل هَدِيَّتِى لم أُهْدِ لَهُ، ومن لم يقبل عَطِيَّتِى لم أُعْطِه، ومن رَغِب عنِّى لم أَرْغَبْ فيه. وقولُه ﴿أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى﴾ فقوله: لا يَهِدِّىِ أَى لا يَهْدِى غَيْره ولكن يُهْدَى، أَى لا يعلم شيئاً ولا يَعْرِفُ. وقرئ إِلاَّ أَن يُهَدَّى أَى لا هِدايةَ له ولو هُدىَ أَيضاً لم يَهْتَد لأَنَّها مَواتٌ من حِجَارة ونحوِها.