وقوله تعالى: ﴿سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ﴾ إِشارة إِلى العقل والكِتاب المُنْزَل والنبىّ المُرْسَل، وسائر الآيات الدالَّة على وجُوب الإِيمان بالله. وجعلَه مناديا بالإِيمان لظُهوره ظُهور النِّداءِ، وحثّه على ذلك كحثِّ المُنادِى.
ونداءِ الصّلاة فى الشرع مخصوصٌ بالأَلفاظ المشهورة المعروفة.
وأَصل النداءِ من نَدا القوم نَدْواً، أَى اجْتَمَعُوا، لأَنَّ المنادِى يطلب اجتماعَ القوم. وقيل: من النَّدَى وهو الرُّطوبة، لأَنَّ من يَكْثَر رُطوبةُ فَمِه يَحْسُن صَوْتُه، ولهذا يُوصفُ الفصيح بكثرة الرِّيق، وذلك لتسمية المسبَّب باسم سَبَبه وقوله:
كالكَرْمِ إِذ نادَى من الكافورِ
أَى ظهر ظُهورَ صوتِ المُنادِى.
وعُبِّرَ عن المُجالَسة بالنّداءِ حتى قيل فى المجلس: النادِى والنَّدْوَةُ والمُنْتَدَى والنَّدِىّ، وقيل ذلك للجليس أَيضاً، قال الله تعالى: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾.
والمُنْدِيات/ المُخْزيات لأَنَّها إِذا ذُكِرَتْ عَرِقَ المشارُ إِليه، ونَدِىَ جَبينُه حَياءً، قال الكَمَيْت:
وعادِىّ حِلْمٍ إِذا المنديا | تُ أَنْسَيْنَ أَهلَ الوَقارِ الوَقارَا |