وقال سَهْلٌ: اليقين من زِيادة الإِيمان، ولا رَيْب أَنّ الإِيمان كسْبِىّ باعتبار أَسبابِه، مَوْهِبىّ باعتبار نفسه وذاته. وقال سهل أَيضا: ابتداؤه المُكاشَفَة كما قال بعض السلف: لو كُشِفَ الغِطاءُ ما ازْدَدْتُ يقيناً.
وقال ابنُ خفيفٍ: هو تَحقُّقُ الأَسرار بأَحكامِ المُغَيَّبات.
وقال أَبو بَكْرِ بنِ طاهِر: العلمُ يعارضه الشُّكوك، واليقين لا شَكَّ فيه. وعند القوم: اليقين لا يُساكِنُ قلباً فيه سُكُونٌ إِلى غير الله.
قال ذُو النُّون: اليقين يدعُو إِلى قَصْرِ الأَمَل، وقَصْرُ الأَملِ يدعُو إِلى الزُّهْد، والزُّهْدُ يُورِثُ الحكمةَ، وهى تُورث النَظَر فى العَواقِب.
وثلاثةٌ من أَعْلام اليقين: قِلَّةُ مُخالطة الناس فى العِشْرَة؛ وتَرْكُ المدحِ لهم فى العِطيَّة؛ والتَنَزُّه عن ذَمِّهم عند المنع. وثلاثةٌ من أَعلامه أَيضاً: النَّظر إِليه فى كل شىءِ؛ والرّجوع إِليه فى كلّ أَمر؛ والاستعانة به فى كلّ حال.
وقال الجُنيْد رحمه الله: اليقينُ هو استقرارُ العِلْم الذى لا يَحُول ولا ينقلب ولا يتغيَّرُ فى القَلْب.
وقال ابن عطاءٍ رحمه الله: على قَدْرِ قُرْبهم من التَّقْوَى أَدْرَكُوا من اليقين. وأَصل التَّقْوَى مُبايَنَة المَنْهِىّ عنه، فعلى مفارقتهم النفس وصلوا إِلى اليَقِين.