الإِرادى الَّذى هو إِخلاص العمل لله وعبادته وحده فيقابله الشِّرك، والتعطيل شرّ من الشرك، فإِنَّ المعطل جاحِدٌ للذَّات أَو لكمالها، وهو جحد لحقيقة الإِلهية، فإِنَّ ذاتاً لا تسمعُ ولا تُبْصِر ولا تَتَكَلَّم ولا ترضَى ولا تَغْضَب ولا تَفْعَل شيئاً، وليست داخلَ العالَمِ ولا خارجه ولا متَّصِلَة بالعالَمِ ولا مُنْفَصِلَة ولا مُجانِبَة ولا مُباينة ولا فَوْقَ العَرْشِ ولا تَحْته ولا خَلْفَه ولا أَمامَه ولا عن يَمِينهِ ولا عن شِمالِه، سواءٌ والعَدَم. والمشرك مقرّ بالله وصفاته/ ولكن عنده معه غيره، فمُعَطِّل الذات والصّفات شَرٌّ منه. فاليقين هو الوقوف على ما قام بالحَقِّ سبحانه من أَسمائه وصفاته ونُعُوتِ كَمالِه وتوحيده وهذه الثلاثة هى أَشرفُ عُلُوم الخلائِق، عِلْمُ الأَمْرِ والنَّهْىِ، وعِلْمُ الأَسماءِ والصّفات والتَّوْحِيد، وعِلْمُ المعَاد واليَوْم الآخر.
قال: الثانية: عين اليَقين وهو المَعْنِىّ بالاسْتِدْراك عن الاسْتِدْلال، وعن الخَبَرِ بالعَيان، وخَرْق الشُّهود حجابَ العِلْم.
والفَرْقُ بين عِلْم اليَقِين وعَيْن اليقين كالفَرْقِ بين الخَبَر الصادِق والعَيان، وحَقُّ اليَقين فَوْقَ هذا. وقد مُثِّلَت المراتب الثلاثة بمن أَخبرك [أَنَّ] عنده عَسَلاً وأَنت لا تَشُكَّ فى صِدْقه، تمَّ أَراك إِيّاه فازددت يقينا، ثم ذُقْت منه، فالأَوّل عِلْمُ يَقِين، والثانى عَيْنُ يَقِينٍ؛ والثالث حَقُّ يَقِين. فعِلْمُنا الآن بالجنَّة والنَّار عِلْمُ يَقينٍ، فإِذا أَزْلِفَتِ الجنَّة