بصيرة فى ذكر هامان
وهو اسمٌ أَعجمىٌّ، وقد تقدّمت نظائره، وكان وزيرَ فِرْعَوْنَ، وأَصله من خراسان من قرية يقال لها بوشنج، وكان قد قَرأَ كتبَ المتقدّمين، وكان له اليَدُ الطُّولَى فى حساب النُّجوم وكان يستدلّ مِنْ طالِعِه على مُجْمَل أَحوالِه وأَحوالِ فِرْعَوْن، فاتَّفقَا وسافرا جميعا من خراسان إِلى أَن بَلَغَ أَمرُهما ما بَلَغ. وذِكْرُ شواهد شَقاوَته وخذْلانه فى مواضِع من الكتاب العزيز، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ﴾، ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ﴾، ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ﴾، ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى﴾ إِلى قوله ﴿فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ﴾، ﴿فَأَوْقِدْ لِي ياهامان عَلَى الطين﴾، ﴿ياهامان ابن لِي صَرْحاً﴾.
يقال: خمسةُ وُزراء ما لَهُمْ سادِسٌ، اثنان مُسْلِمان وثلاثة كُفَّار، امّا المُسْلِمان فهارونُ وزير مُوسَى ﴿واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾، والثَّانى آصِفُ بن بَرْخِيا وَزِيرُ سليمان عليه السّلام. وأَمّا الثلاثة الكَفَرة: فبُزُرْجُمُهْر وزير نُوشروان، وأَرِسْطاطالِيس وزيرُ ذِى القَرْنَيْن، وهامانُ وزيرُ فِرْعَوْن. قال:
مَنْ كان فى وِدادِه خَوّانَا | فارَق مِنْ فَساده الإِخْوانا |
زادَ على عُدْوانه عُدْوانَا | كأَنَّه مُعاقِلٌ هامانَا |