(١) معرفة الذات: فهو الياقوت الأحمر؛ ثم يليه معرفة الصفات وهو الياقوت الأَكْهَب؛ ويليه معرفة الأفعال، وهو الياقوت الأصفر. وكما أن أنْفَسَ هذه اليواقيت أجلُّ وأعزُّ وجوداً، ولا تظفر منه الملوك لِعِزَّته إلا باليسير، وقد تظفر مما دونَه بالكثير، فكذلك معرفة الذَّات أضيَقُها مجالاً وأعسَرُها منالاً وأعصَاها على الفكر، وأبعَدُها عن قبول الذِّكر؛ ولذلك لا يشتمل القرآن منها إلا على تلويحاتٍ وإشارات، ويرجع ذِكْرُها إلى ذكر التَّقديس المطلق كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وسورة الإخلاص وإلى التعظيم المطلق كقوله تعالى ﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السماوات والأرض﴾.
(٢) وأما الصفات: فالمجال فيها أفسح، ونطاق النُّطق فيها أوسع، ولذلك كَثُرَت الآيات المشتملة على ذكر العلم والقدرة والحياة، والكلام والحكمة، والسمع والبصر وغيرها.
(٣) وأما الأفعال: فبحرٌ مُتَّسِعَةٌ أَكنافُه، ولا تُنَال بالاستقصاء أطرافُه، بل ليس في الوجود إلا اللهُ وأفعالهُ، وكل ما سواه فِعْلهُ، لكن القرآن يشتمل على الجليِّ منها الواقع في عالم الشهادة، كَذِكْر السماوات والكواكب، والأرض والجبال، والشجر والحيوان، والبحار والنبات، وإنزال الماء الفُرات، وسائر أسباب النبات والحياة، وهي التي ظهرت للحِسّ. وأشرفُ أفعاله وأعجَبُها وأدلُّها على جلالة صانعها