مجال عمل النبوة في إصلاح الناس:
وكل قوم يملك عادات ومناهج خاصة في عباداته، ونظام اسرته، واجتماعه وسياسته ومدنيته، فإذا ظهرت فيه النبوة، فإنها لا تستأصل هذه العادات ولا تضع له عادات جديدة، بل إنما تقييم الميزان القسط، وتمييز بينها، فما كان منها موافقاً للأصل، مطابقاً لرضا الله - تعالى - أبقته وحفظته، وما كان منها مخالفاً لرضا الله - تعالى - أبقته وحفظته، وما كان منها مخالفاً للأصل، منافياً لرضا الله - تعالى - عدلته حسب الضرورة وسوته.
كذلك يكون التذكير بآلاء الله، والتذكير بايام الله - على هذا الأسلوب - بمكا يكون معروفاً عندهم، شائعاً لديهم، فهذا هو السبب في اختلاف شرائع الأنبياء - عليهم صلوات الله وسلامه -.
اختلاف شرائع الأنبياء كاختلاف وصفات الطبيب:
وهذا الاختلاف في شرائع الأنبياء كالاختلاف في أحكام الطبيب، فإنه عند معالجته لشخصين مختلفى المزاج، يصف لأحدهما أدوية وأغذية باردة، وللآخر أدوية وأغذية حارة، وغرض الطبيب من معالجتهما واحد، وهو إصلاح مزاجه، وإزالة الفساد الطارئ عليه، ليس غير، ويمكن أن يصف الطبيب لكل منطقة أدوية وأغذية مختلقة تلائم أهلها، كما


الصفحة التالية
Icon