وقال بعضهم: إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدت في غاية المناسبة لما ختمت به السورة التى قبلها، ثم [هو] ١ يخفى تارة، ويظهر أخرى.
وأخرج ابن أشتة٢ عن ربيعة أنه سئل: لِمَ قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة، وإنما نزلتا بالمدينة؟ فقال: قدمتا، وأُلِّفَ القرآن على علم ممن ألفه [به ومن كان معه فيه واجتماعهم] ٣ على علمهم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه، ولا يُسأل عنه٤.
فإن قلت: فما عندك في ذلك؟
قلت: الذي عندي أولًا: تحديد محل الخلاف، وأنه خاص بترتيب سور الأقسام الأربعة، وأما نفس الأقسام الأربعة؛ من تقديم الطوال، ثم المئين، ثم المثاني، ثم المفصل، فهذا ينبغي أن يقطع بأنه توقيفي، وأن يدَّعى فيه الإجماع، وإن لم أرَ من سبقني إلى ذلك؛ وإنما دعاني إلى هذا أمران:
أحدهما: ما تقدم من الأحاديث قريبًا، وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الآتي في الأنفال.
والثاني: أن المصاحف التي وقع فيها الاختلاف في الترتيب اتفقت
٢ في المطبوعة: "ابن أبي شيبة" تحريف، والمثبت من "ظ"، وهو الصواب، وقد ذكر السيوطي هذا النص في الإتقان أيضًا "١/ ٨٤"، وانظر: تفسير القرطبي "١/ ٥٢" وفيه هذا الخبر كذلك.
٣ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ" وهو الصواب، ويؤيده ما جاء عند السيوطي في الإتقان "١/ ٨٤"، وانظر: تفسير القرطبي "١/ ٥٢".
٤ نقل القرطبي في تفسيره "١/ ٥٢" هذا الخبر، وعزاه إلى ابن وهب في جامعه، والنص مضطرب في الأصل، وقوَّمناه من القرطبي.