فالصريح: عقود الأنكحة، وعقد الصداق، وعقد الحلف، في قوله: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ "النساء: ٣٣". وعقد الأيمان في هذه الآية، وبعد ذلك عقد المعاهدة والأمان في قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ "النساء: ٩٠"، وقوله: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ﴾ "النساء: ٩٢".
والضمني: عقد الوصية، والوديعة، والوكالة، والعارية، والإجارة، وغير ذلك من الداخل في عموم قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ "النساء: ٥٨"، فناسب أن يعقب بسورة مفتتحة بالأمر بالوفاء بالعقود، فكأنه قيل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ "١" التي فرغ من ذكرها في السورة التي تمت، فكان ذلك غاية في التلاحم والتناسب والارتباط.
ووجه آخر في تقديم سورة النساء، وتأخير سورة المائدة؛ وهو: أن تلك أولها: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاس﴾ "النساء: ١"، وفيها الخطاب بذلك في مواضع، وهو أشبه بخطاب [الكفار وتنزيل] ١ المكي، [وهذه أولها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ "١" وفيها الخطاب بذلك في مواضع، وهو أشبه بخطاب المدني] ٢ وتقديم العام٣ وشبه المكي أنسب.
ثم إن هاتين السورتين في التلازم٤ والاتحاد نظير البقرة وآل عمران، فتلكما في تقرير الأصول؛ من الوحدانية، والكتاب،
٢ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٣ يريد بالعام: الخطاب بـ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾، فهو أعم من ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أو ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَاب﴾ "١٥".
٤ في المطبوعة: "التقديم"، والمثبت من "ظ".