وهذه الخصال كثيرة، نكتفي بذكر بعضها معتمدين في ذلك على ما جاء في ترجمته١.
١- كان زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الخزرجي البخاري الأنصاري من أحسن الناس إسلامًا، فقد أسلم في الحادية عشرة من عمره، فترعرع في أحضان الإسلام، وتأدَّب بأدبه، وشرب من معينه الصافي، وهو دون البلوغ، ولازم النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذ الكثير والكثير من علمه ومحاسن سيرته، فكان عبدًا ربانيًّا ينقاد لأمر الله تعالى وأمر رسوله -صلوات الله وسلامه عليه.
٢- وإنه كان من كُتَّاب الوحي، بل كان على رأسهم.
فقد قال -رضي الله عنه- كما روى الطبراني من طريق عبد الله بن صالح عن الليث: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أنزل عليه الوحي، بعث إلي فكتبته".
٣- وكان من الراسخين في العلم، كما قال مسروق -رحمه الله.
وقد روى الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله٢ أنه كان يقول في أخوات لأب وأم، وأخوة وأخوات لأب: للأخوات للأب والأم الثلثان، فما بقي فللذكور دون الإناث.
فقدم مسروق المدينة، فسمع قول زيد فيها فأعجبه، فقال له بعض أصحابه: أتترك قول عبد الله؟
فقال: أتيت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم، يعني: كان زيد يشرّك بين الباقين٣.
وعن ابن عباس قال: لقد علم الحافظون من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم٤.

١ راجع ترجمته إن شئت التوسُع في "سير أعلام النبلاء" للذهبي ج٢ ص٤٢٦.
٢ يعني: ابن مسعود.
٣ إسناده صحيح، وهو في "تهذيب ابن عساكر" ج٥ ص٤٥١، وقوله: "يشرِّك بين الباقين" أي: يسوي بينهم في القسمة.
٤ تهذيب ابن عساكر ج٥ ص٤٥١.


الصفحة التالية
Icon