العلاقة بين الخط الإملائي والمصحفي:
عرفت مما سبق أن البَوْنَ ليس واسعًا بين الخط الإملائي والرسم المصحفي، وأن كُتَّاب المصاحف قد كتبوها على ما عرفوه من قواعد الخط، وكان شائعًا في كتبهم.
وأن الرسم المصحفي كان ولا يزال هو الأساس للقواعد الإملائية التي استُحْدِثَت بعده، والتي دعت الضرورة لوضعها.
ونبيِّنُ هنا بإيجاز شديد بعض الفروق بين الخطَّيْن، فنقول: الهجاء في المصحف يكاد النطق مطابقة تامة، كما هو الشأن في الهجاء المعروف لدينا الآن، لولا ما يبدو أحيانًا من حذف رموز بعض الحركات الطويلة "الألف والواو والياء" في مثل: "العلمين - يَلْونَ - النبين - أيُّهَ - يَدْعُ - يأت"، وزيادة بعض تلك الرموز في الكلمات المهموزة خاصَّة في مثل: "بأييد - أولئك - مائة - نبإى - لقاءي - لا أذبحنه".
ومثل زيادة الألف بعد الواو المتطرفة في نحو "ملاقوا - يعفوا".
وما يبدو من كتابة بعض الأصوات بغير رموزها التي خُصِّصَت لها، من مثل: كتابة الفتحة الطويلة واو أو ياء في مثل: "الصلوة - الزكوة - رمى - يسعى - الذكرى"، وما يشبه هذه الحالات التي تظهر مخالفة جزئية للنطق، غير ذلك مما ذكره أهل هذا الشأن في كتبهم.
عناية العلماء بالرسم العثماني وأشهر المؤلفات فيه:
وقد بلَغَت عناية العلماء بالقرآن الكريم أنهم درسوا الخط الذي كُتِبَ به، والذي لا تجوز مخالفته.
فقد قدَّموا لنا وصفًا كاملًا عن كل حرفٍ كُتِبَ به أثناء جمعه في مصحف واحد، وما طرأ على هذا النسخ من نقط وشكل، وغير ذلك من علامات تُعِينُ على قراءته وتجويده.
فما إن كتبت المصاحف بالمدينة، وأُرسِلَ بعضها إلى الأمصار، حتى سارع المسلمون إلى نسخ مصاحف منها كلمة بكلمة، وحرفًا بحرف.